أثارت مصادقة مجلس النواب على تعديل في قانون المسطرة المدنية يتعلق بالمادة 17، جدلا في الأوساط الحقوقية. التعديل قدمته الحكومة يعطي الحق للنيابة العامة لطلب إبطال حكم « من شأنه المس بالنظام العام »… وجاء في التعديل:
يمكن للنيابة العامة المختصة، وإن لم تكن طرفا في الدعوى ودون التقيد بآجال الطعن المنصوص عليها… أن تطلب التصريح ببطلان كل مقرر قضائي يكون من شأنه مخالفة النظام العام.
ويتم الطعن أمام المحكمة المصدرة للقرار، بناء على أمر كتابي يصدره الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض تلقائيا أو بناء على إحالة من الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية في حالة ثبوت خطأ جسيم أضر بحقوق أحد الأطراف ضررا فادحا ».
وقال المحامي محمد طبيح في مقال إن هذه المقتضيات غير دستورية، لإنها لم تعرض على مكتب مجلس النواب، كما لم تعرض على لجنة العدل بالمجلس، ولم تناقشها ولم تصوت عليها، كما أنها تشرع لإصدار تعليمات من النيابة العامة للقاضي لإلغاء حكمه بسبب « مسه بالنظام العام، أو لأن من شأنه المس بالنظام العام ».
وكانت لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب عندما عرضت عليها المادة 17 ضمن مشروع قانون المسطرة المدنية، تداولت بشأنها وقررت حذف مقتضياتها من المشروع بإجماع أعضائها أي معارضة وأغلبية وكذا بموافقة الحكومة.
واعتبر طبيح أن المادة 17 التي اتت بها الحكومة في الجلسة العمومية، أضافت شيئا جديدا، وهو أن حق النيابة العامة في التقدم بطلب التصريح ببطلان حكم لم يبق يقتصر على المقررات القضائية التي خالفت النظام العام، بل منحت للنيابة العامة نفس الحق حتى بالنسبة للمقررات القضائية التي من شأنها أن تخالف النظام العام.
وقال إن هذه الصيغة تفرض وضع السؤال حوال من هي الجهة التي ستتنبأ بكون مقرر قضائي سيخالف النظام العام مع أنه قد يصدره قاض فرد أو 3 قضاة أو غرفة أو مجموع غرف محكمة النقض.
وأوضح طبيح أن ذلك المقرر (الحكم) أحدث مراكز قانونية لأطراف الدعوى ولكل المتدخلين الآخرين. وهنا تصطدم المادة 17 الجديدة مع الشروط الأولى لصياغة قاعدة قانونية كما هي متعارف عليها دوليا.
كما أن صياغة المادة 17 الجديدة تتوجه للقاضي وتقول له إن الحكم الذي ستصدره قد يكون مقررا قضائيا من شأنه مخالفة النظام العام. وقد لا يكون من شأنه مخالفة النظام العام. أي أن النيابة العامة هي التي ستقرر فيما بعد ذلك.
غير أنه لا يمكن لوكيل الملك أن يتقدم بطلب تلقائيا من أجل بطلان مقرر قضائي. بل لا بد أن يتوصل بأمر من الوكيل العام لمحكمة النقض.
واعتبر طبيح أن هذه المادة 17 لم تتوقف عند الوكيل العام وتمكينه من إصدار الأمر للنيابة العامة لتقدم طلب التصريح ببطلان حكم قضائي، بل أعطت هذا الحق كذلك للرئيس المنتدب للسلطة القضائية في حالة ثبوت خطأ جسيم أضر بحقوق أحد الأطراف.
وانتقد طبيح محرر هذه الصياغة لأنه لم ينتبه إلى أنه يكتب قاعدة قانونية تؤسس لإعطاء التعليمات لقضاء الحكم من طرف الرئيس المنتدب الذي هو رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، الذي يتكلف بتأديب وترقية القاضي الذي سيبت في طلب التصريح ببطلان حكمه.
وتساءل « كيف تصاغ قاعدة قانونية تقول بأن الرئيس المنتدب من حقه أن يطلب من قاضي حكم بأن يبطل حكمه الذي سبق له أن أصدره لكونه حكم من شأنه أن يخالف النظام العام؟ »
وأشار أيضا إلى أنه يتبين من صياغة المادة 17 الجديدة، أنها حددت الجهة التي سيعرض عليها طلب التصريح ببطلان الحكم، وعينتها بكونها هي المحكمة مصدر القرار المطلوب التصريح ببطلانه. أي أن القاضي أو القضاة أو غرفة بمحكمة النقض أو كل غرف محكمة النقض سيطلب منها أن تقضي ببطلان قرارها الذي أصدرته.

The post النيابة العامة تحصل على حق ابطال الاحكام القضائية في المغرب؟ appeared first on أريفينو.نت.
إرسال تعليق