تفوق المغاربة في تصدير هذه الفاكهة يخفي خطرا كبيرا؟

في الوقت الذي يروّج فيه القطاع الفلاحي في المغرب لإنجازات لافتة في صادرات الأفوكادو، تتجاهل هذه السردية الرسمية واقعا قاسيا.. جفاف ممتد للعام السابع على التوالي وأزمة مياه خانقة تهدد مستقبل الفلاحة في البلاد. ورغم الأرقام التي تشير إلى تصدير المغرب 42 ألف طن من الأفوكا بين أكتوبر وديسمبر 2024، فإن هذا “النجاح” يبدو بعيدًا عن الواقع عندما يُوضع في سياق الظروف المناخية الصعبة التي يعاني منها الفلاحون.

تصدير على حساب الأمن المائي؟

تشير بيانات واحصاءات حديثة إلى أن المغرب يطمح إلى تصدير ما بين 80 و90 ألف طن من الأفوكادو خلال موسم 2024/2025، لكن هذه الطموحات التجارية تتجاهل حقيقة أن زراعة الأفوكا تُعد من بين أكثر المحاصيل استهلاكًا للمياه. فبحسب دراسات سابقة، تحتاج زراعة الهكتار الواحد من الأفوكا إلى ما يقارب “10,000 إلى 12,000 متر مكعب من المياه سنويًا”، وهو رقم ضخم بالنظر إلى الأزمة المائية التي يشهدها المغرب.

“إننا نعيش أسوأ أزمة جفاف منذ عقود، ومع ذلك، يتم التوسع في زراعة الأفوكا بشكل غير مستدام”، يقول الناشط البيئي “أيوب مرير”. مضيفا أنه “في ظل هذه الظروف، لا يمكن الحديث عن تنمية مستدامة، بل عن استنزاف خطير للموارد المائية على حساب الأجيال القادمة”.

مخاطر الجفاف وتجاهل التحذيرات

وعلى الرغم من التحذيرات المتكررة من المختصين، تستمر المساحات المخصصة للأفوكا في التوسع، لا سيما في مناطق مثل “اللوكوس ومولاي بوسلهام وسوس”، التي تعتمد بشكل كبير على المياه الجوفية والري التقليدي. ”

وتشير بيانات رسمية إلى أن نسبة ملء السدود الكبرى في المغرب “لم تتجاوز 24.8% مع نهاية فبراير 2025″، وهو رقم مقلق يوضح مدى تفاقم الوضع. وبحسب تقرير صادر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، فإن المغرب يقترب من “عتبة الندرة المطلقة للمياه”، حيث تراجع نصيب الفرد السنوي من المياه إلى “أقل من 500 متر مكعب”، مقارنة بـ2500 متر مكعب في ستينيات القرن الماضي.

تناقضات التنمية المستدامة

وفي الوقت الذي تصرّ فيه “حكومة عزيز أخنوش” على دعم صادرات الأفوكا، يتساءل الخبراء عن مدى عقلانية هذه الاستراتيجية. “أرقام التصدير تبدو مشجعة، لكنها تأتي على حساب الأمن المائي والبيئي”، يقول “مرير” ويضيف “المنطق الاقتصادي البحت لا يمكن أن يكون المعيار الوحيد، لأن استنزاف المياه الجوفية سيؤدي إلى عواقب وخيمة على الزراعة ككل، وليس فقط على الأفوكا”.

من جابها سبق لفاطمة التامني، النائبة البرلمانية عن فدرالية اليسار الديمقراطي، ان وجهت سؤالا كتابيا إلى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات حول تصدير “أكثر من 40 مليار لتر من الماء إلى أوروبا”.

وقالت التامني في سؤالها: “في الوقت الذي يواجه فيه المغرب ما ينذر بأزمة حقيقية في الماء، دفعت بعدد من المواطنين إلى الهجرة من قراهم والمناطق التي يعيشون فيها، بحثا عن شريان الحياة، خرجت تقارير عن تصدير المغرب خمسة وأربعين ألف طن من الأفوكادو إلى دول أوروبية”.

وشرحت التامني أن “الأفوكادو تعد من الفواكه والخضروات الأكثر استنزافا للماء، بحيث تؤكد تقارير علمية أن كل كيلوغرام من الفاكهة المذكورة يستنزف أكثر من ألف لتر من الماء. وبالتالي، فإن خمسة وأربعين ألف طن من الأفوكادو استنزفت أكثر من أربعين مليار لتر من الماء كان سيستفيد منها المغاربة في احتياجاتهم المعيشية”.

الأسعار والضغط على السوق الوطنية

مع ارتفاع الطلب العالمي على الأفوكا، شهدت الأسواق الوطنية ارتفاعًا في الأسعار، حيث تراوح سعر الكيلوغرام بين 20 30 درهمًا” خلال الأشهر الأخيرة، ما جعل هذه الفاكهة بعيدة المنال عن الكثير من المغاربة. ويشير “تاجر بسوق الجملة بالدار البيضاء” إلى أن “الأولوية تُعطى للصادرات، فيما يتم تسويق الكميات القليلة المتبقية بأسعار مرتفعة في السوق الوطنية”.

هل يستمر المغرب في هذا المسار؟

إن ما يحدث اليوم في قطاع زراعة الأفوكا في المغرب لا يعدو أن يكون “رقصًا على حافة الهاوية”. ففي الوقت الذي يتباهى فيه المسؤولون بتسجيل أرقام قياسية في التصدير، يواجه المغرب واقعًا مناخيا واقتصاديا متدهورًا. استمرار هذا النهج دون سياسات مائية صارمة قد يؤدي إلى نتائج كارثية في السنوات القادمة، حيث سيكون من الصعب تأمين الاحتياجات الأساسية للمياه، سواء للزراعة أو للاستهلاك البشري.

ورغم أن المستقبل وحده كفيل بالكشف عن مدى استدامة هذه السياسة، لكن المؤشرات الحالية تنذر بأن “نجاح” اليوم قد يكون “إفلاسا بيئيا واقتصاديا غدًا”.

The post تفوق المغاربة في تصدير هذه الفاكهة يخفي خطرا كبيرا؟ appeared first on أريفينو.نت.

Post a Comment

أحدث أقدم