جهات نافذة تستحوذ على اكبر مشروع في المغرب؟

عاد ملف “مخطط المغرب الأخضر” الذي أشرف عليه رئيس الحكومة “عزيز أخنوش” عندما كان وزيرا للفلاحة، ليثير جدلا واسعا في الأوساط الحقوقية والاقتصادية بالمغرب، وسط مطالب بفتح تحقيق شامل في مصير الأموال الضخمة التي رُصدت لهذا المخطط منذ إطلاقه قبل أكثر من عقد. ويُعتبر هذا البرنامج من بين أضخم المشاريع التنموية التي راهنت عليها الحكومة لتطوير القطاع الفلاحي وتحقيق الأمن الغذائي، غير أن الشكوك تتزايد بشأن شفافية تدبير موارده المالية ومدى استفادة الفلاحين الصغار من برامجه.

وفي الوقت الذي تواجه فيه الأسر المغربية ارتفاعًا غير مسبوق في أسعار المواد الغذائية، تتصاعد التساؤلات حول مدى نجاح “المغرب الأخضر” في تحقيق أهدافه، خصوصًا في ظل تقارير تتحدث عن استحواذ جهات نافذة على جزء كبير من الدعم المخصص لهذا المخطط. وتشير مصادر مطلعة إلى أن أموالًا طائلة خُصصت لدعم مشاريع فلاحية، إلا أن أثرها على تحسين ظروف الفلاحين الصغار ظل محدودًا، بينما استفادت شركات ومجموعات استثمارية كبرى من امتيازات مالية كبيرة.

في هذا السياق، دعت المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد إلى فتح تحقيق مستقل في كيفية صرف ميزانية “المغرب الأخضر”، مؤكدة أن هناك حاجة ملحة لمحاسبة المسؤولين عن أي اختلالات محتملة. وشددت المنظمة في بيان أصدرته أخيرا، على أن غياب الشفافية في تدبير المشاريع الكبرى يكرّس ثقافة الإفلات من العقاب ويؤثر على الثقة في السياسات العمومية.

ويرى مراقبون أن المجلس الأعلى للحسابات مطالب بلعب دور أكثر فعالية في هذا الملف، عبر إجراء افتحاص شامل لجميع العقود والصفقات المرتبطة بالمخطط الأخضر، مع ضمان إعلان نتائج التحقيق للرأي العام. كما يؤكد خبراء اقتصاديون أن استمرار غياب المحاسبة في تدبير الأموال العمومية قد يؤدي إلى تعميق الفوارق الاجتماعية، لا سيما في المناطق القروية التي تعاني من تراجع الدعم الموجه لصغار الفلاحين.

ومع تنامي المطالب بضرورة المراجعة العميقة لآليات توزيع الدعم الفلاحي، تبرز الحاجة إلى إصلاحات جوهرية تضمن توجيه الموارد إلى الفئات الأكثر استحقاقًا، بدل أن تظل محصورة في يد لوبيات اقتصادية تستفيد من الريع على حساب التنمية الحقيقية. وفي ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة، تؤكد المصادر أن تحقيق الشفافية في هذا الملف أصبح ضرورة لا تحتمل التأجيل، لضمان استفادة المواطنين من البرامج التنموية بعيدًا عن شبهات الفساد وسوء التدبير.

في سياق ذلك، أوضح الخبير الاقتصادي محمد الرهطوط إن “الأموال المخصصة للمخطط الأخضر كان يمكن أن تغير وجه الفلاحة المغربية لو تم استثمارها بالشكل الصحيح، لكن الواقع يظهر أن جزءا كبيرا منها لم يصل إلى الفئات المستحقة”، مشيرًا إلى أن “غياب آليات مراقبة صارمة جعل بعض المستفيدين يحولون هذا الدعم إلى مكاسب شخصية”، وها نحن اليوم بعد ما يزيد عن عقد على نضطر لالغاء عيد الأضحى في ظل أزمة تراجع القطيع الوطني”.

وتشير معطيات غير رسمية إلى أن أكثر من 60% من الدعم المالي تم توجيهه إلى مشاريع كبرى تابعة لشركات استثمارية، في حين لم يتجاوز نصيب الفلاحين الصغار 15% من إجمالي الميزانية المرصودة. وتكشف تقارير أخرى أن بعض المشاريع المدعومة لم تحقق الأهداف المرجوة، حيث بقيت العديد من الأراضي غير مستغلة رغم حصولها على تمويلات ضخمة.

ومع تنامي المطالب بضرورة المراجعة العميقة لآليات توزيع الدعم الفلاحي، تبرز الحاجة إلى إصلاحات جوهرية تضمن توجيه الموارد إلى الفئات الأكثر استحقاقًا، بدل أن تظل محصورة في يد لوبيات اقتصادية تستفيد من الريع على حساب التنمية الحقيقية.

The post جهات نافذة تستحوذ على اكبر مشروع في المغرب؟ appeared first on أريفينو.نت.

Post a Comment

أحدث أقدم