إشراقات النور في حضرة أهل الصفاء: إحياء ليلة القدر الطريقة القادرية البودشيشية

ريف ديا /// احمد علي المرس

إشراقات النور في حضرة أهل الصفاء…إحياء ليلة القدر عند الطريقة القادرية البودشيشية إنها الليلة التي تنحني فيها الأرواح خشوعًا، وتتعطر الأكوان بأنفاس الذكر، وينسكب النور في القلوب كما ينسكب الضياء على أديم الظلام، ليلة القدر التي فاقت الدهر مجدًا وعطاءً، والتي أحيتها الطريقة القادرية البودشيشية في حضرة أهل الصفاء، يحدوهم شوق المحبين، ويتسابقون إلى معين الفضل الرباني، مستنيرين بسيرة العارفين، ومتبعين خطى الأقطاب الراسخين. في مقرها العامر بالله، حيث تنبعث البركات وتتناسل الأنوار، احتفت الطريقة القادرية البودشيشية بليلة القدر، تحت إشراف وارث السر، سيدي مولاي منير القاديري البودشيشي، الذي اجتمع حوله المريدون والفقراء، وكوكبة من أهل المحبة، الذين تجردوا من حجب المادة، وساروا على درب السالكين، يلهجون بذكر الله، ويستلهمون من معين الإحسان نورًا يضيء لهم معارج القرب. ها هو الكون يعج بالحضور، وتتماوج أرواح القاصدين بين فيض الأنوار ووميض التجليات، يصدح الذاكرون بقلوب واجفة، وأنفس مطمئنة، مرددين أوراد الطريقة، ما بين تلاوة الأسماء الحسنى، وإنشاد قصائد القطب الجليل مولاي عبد القادر الجيلاني، وذكر الله على إيقاع القلوب الخاشعة التي وجدت في الحضرة سكينةً لا يبدلها أهل الدنيا بملذاتهم العابرة. في هذه الليلة الربانية، ينعقد مجلس الذكر كأنما هو روضة من رياض الجنة، حيث يتجدد العهد بين السالكين وبين شيوخهم، امتدادًا للسلسلة الذهبية التي شيدها قطب الأولياء مولانا عبد القادر الجيلاني قدس الله سره، وانتشرت أنوارها في الآفاق، فكان لها هذا الامتداد المبارك الذي بلغ المغرب، وتجلَّى في الطريقة القادرية البودشيشية، التي حافظت على هذا الإرث الروحي وأحيت شعائره بصفاء وإخلاص. اجتمع في هذا المحفل النوراني جمٌّ غفير من السالكين، ممن وفدوا من كل صوب، وقد انطلقت أعينهم إلى سماء الرجاء، وتعلقت أرواحهم بالمناهل الروحية، حيث كان حضور الشيخ، سيدي مولاي منير القاديري البودشيشي، بمثابة إشعاع روحي ينساب في قلوب الفقراء، يغذيهم بماء الحكمة، ويروي ظمأ الباحثين عن اليقين. إحياء ليلة القدر ابتداء من الساعة التاسعة مساءً بتاريخ 26 رمضان 1446، وما إن دقت أجراس منتصف الليل، حتى تبدَّت على الوجوه أنوار السكينة، وارتفعت أصوات المريدين بآيات الدعاء، رجاء القبول في الليلة التي هي خير من ألف شهر، فتسابقت الأرواح إلى باريها، تلتمس العفو والمغفرة، وتسكب دموع الخشوع، كأنها قطرات من ندى الصفاء تنهمر على صحراء القلوب المتعطشة لنور اليقين. إن ليلة القدر ليست مجرد تاريخ في التقويم، ولا هي زمن ينقضي مع انبلاج الفجر، بل هي مقام معنوي، يمنحه الله لمن اصطفاهم من عباده، فهي ليلة العارفين الذين صقلوا أرواحهم بالمجاهدة، وتحققوا بمعاني الفناء في محبة الله، فوهبهم الله البقاء في نعيم القرب، حتى إذا جاءت ليلة القدر، حلّت عليهم نفحات الاصطفاء، وصارت لهم منحة العطاء، فأصبحوا أهل القرب والفتح، وأضحوا مشاعل الهداية لمن يبتغي النور في دياجير الظلام. مع انبلاج الفجر، ومغادرة القاصدين لأروقة الحضرة، لم يكن الوداع وداعَ فرقة، بل كان إشراقة عهد جديد، وتجدُّدًا للعهد بين المريد وسلوكه الروحي، ذلك أن الطريقة ليست طقسًا عابرًا، ولا لحظة عابرة، بل هي سير دائم في درب القرب، وسلوك دائم نحو الله، فكما أن الفجر يبزغ بعد الليل، كذلك نفوس المريدين تبزغ بأنوار اليقين بعد مجاهدة الليل وسهر الذكر، حتى يرحلوا عن هذه الدنيا وهم في كنف “سلامٌ هي حتى مطلع الفجر”. يمكنكم متابعي الجريدة الإلكترونية ريف ديا الاطلاع على الصور ومتابعة تفاصيل الحدث عبر موقعنا الرسمي، لنكون معًا في حضرة الذكر، ونشهد تجليات الروح، حيث لا شيء يسمو فوق نور القرب، ولا مقام يرقى فوق مقام المحبة والصفاء.

The post إشراقات النور في حضرة أهل الصفاء: إحياء ليلة القدر الطريقة القادرية البودشيشية appeared first on RifDia.Com.

Post a Comment

أحدث أقدم