ملاعب “ميتة” في مكناس… 42 مليون سنتيم في مهب الريح وسط غياب المراقبة والتدبير

 

في مشهد يُجسد واقع التبذير واللامسؤولية، يعيش مشروع إنشاء ملعبين لكرة السلة بكل من حي التضامن 2 وحي المنصور بمكناس وضعية كارثية، بعدما تم صرف أزيد من 42 مليون سنتيم عليه دون أي دراسة جدوى واضحة أو رؤية مستقبلية لضمان استمراريته. هذا المشروع، الذي تم في إطار اتفاقية شراكة بين مجلس جهة فاس مكناس ومجلس جماعة مكناس، تحوّل هذا المشروع إلى نموذج صارخ لتبديد المال العام، دون أن يرى النور فعلياً.

الملعبان، اللذان من المفترض أن يكونا فضاءً رياضيًا مفتوحًا أمام شباب المنطقة و المدينة، يوجدان اليوم في حالة يرثى لها؛ منشآت متهالكة، أرضيات مكسرة، وشبكات ممزقة، و أسلاك مقطعة في ظل غياب تام لأي صيانة أو رقابة. لا نشاط رياضي، لا جمعيات مستفيدة، ولا أي اتفاقية مبرمة مع المجتمع المدني لضمان الاستغلال الأمثل لهذه المرافق، ما جعلها تتحول من حلم شبابي إلى فضاءات مهجورة ومرتعًا للتخريب.

ما يثير الاستغراب أكثر هو أن المشروع تم إطلاقه دون إشراك أي من الفاعلين المحليين أو الجمعيات النشيطة في المجال الرياضي، والتي كان بإمكانها المساهمة في تأطير الشباب والمحافظة على هذه المنشآت. وبدل أن تكون هذه الملاعب فرصة لمحاربة التهميش الرياضي، أصبحت رمزًا للإهمال وسوء التدبير.

اليوم، ومع اتساع رقعة التخريب وغياب أي خطة لإنقاذ الوضع، يتساءل المواطنون عن جدوى هذه المشاريع الورقية، ومن يتحمل مسؤولية هذا التبذير الفاضح للمال العام؟ وهل ستتحرك الجهات المعنية لفتح تحقيق حول ظروف إنجاز المشروع ومصير هذه الملايين الضائعة؟

إن الحالة التي آلت إليها هذه الملاعب تدق ناقوس الخطر حول ضرورة ربط أي مشروع تنموي بدراسة دقيقة، ومواكبة ميدانية، وتدبير تشاركي يضم المنتخبين، المجتمع المدني، وسكان الأحياء المعنية، حتى لا تتكرر مثل هذه الكوارث التنموية التي تنخر جسد المدينة في صمت.

Post a Comment

أحدث أقدم