في إطار فعاليات الدورة الثلاثين للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، احتضنت قاعة الندوات التابعة للمعهد الملكي للدراسات الإستراتيجية ندوة علمية خصصت لتقديم مؤلف جديد للأستاذ محمد السنوسي، الأكاديمي ورئيس المجلس المغربي للشؤون الخارجية، بعنوان: “عالم ما بعد طوفان الأقصى: مفارقات الغرب ونهاية النظام الدولي”.
وقد اعتبر الكتاب، الذي أثار اهتماما لافتا، بمثابة “صدمة فكرية”، لما يحمله من طرح نقدي صارخ يفضح هشاشة النظام الدولي الحالي وازدواجية المعايير الغربية، ويدعو إلى إعادة تأسيس نظام عالمي أكثر عدلا وتعددية.

تفكيك نقدي لجذور النظام العالمي
وفي مداخلته الافتتاحية، أوضح محمد السنوسي أن هذا العمل يمثل حصيلة سنوات من البحث النقدي العميق، يهدف إلى مساءلة الأسس النظرية التي بني عليها النظام الدولي، معتبرا أن النظريات التقليدية كـ”الواقعية” و”الليبرالية” لم تعد قادرة على تفسير الانهيارات الجيوسياسية الراهنة.
وأشار إلى أن “طوفان الأقصى” شكل لحظة كاشفة عرت تواطؤ الغرب مع الجرائم المرتكبة في غزة، وأظهر زيف الشعارات المتعلقة بحقوق الإنسان والشرعية الدولية.

كما شدد الأكاديمي على أن مؤسسات دولية مثل الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي فقدت شرعيتها، بعدما تحولت إلى أدوات لخدمة مصالح القوى الكبرى، في ظل صعود قوى ناشئة باتت تنازع الهيمنة الغربية التقليدية.
طوفان الأقصى.. اختبار حقيقي للقيم العالمية
وخصص محمد السنوسي فصلا كاملا لتحليل ظاهرة “طوفان الأقصى”، واصفا إياها بـ”الزلزال الجيوسياسي” الذي لم يسقط فقط أسطورة التفوق العسكري الإسرائيلي، بل فضح أيضا النفاق الغربي.
وأكد أن الدعم الغربي غير المشروط لإسرائيل أسقط القناع عن ازدواجية الخطاب السياسي الدولي، مشيدا في الوقت ذاته بتنامي وعي الشعوب، التي باتت ترفض الرواية الغربية الرسمية، وتتبنى خطاب الدبلوماسية الشعبية لمناصرة القضايا العادلة.
رؤى استشرافية لما بعد الأحادية القطبية
واستشرف محمد السنوسي، في كتابه، ملامح نظام عالمي قادم يقوم على التعددية الحضارية والعدالة الدولية، داعيا إلى إصلاح جوهري لمؤسسات الحوكمة العالمية وعلى رأسها الأمم المتحدة، وإلغاء حق الفيتو الذي يعطل إرادة الشعوب.
كما دعا إلى الاعتراف بالنماذج التنموية غير الغربية، مؤكدا أن أي نظام عالمي عادل يجب أن يعترف بالحق المشروع للشعوب في مقاومة الاستعمار، باعتباره ركيزة أساسية في ميثاق القانون الدولي.
غزة.. المحك الأخلاقي للنظام الدولي
وختم محمد السنوسي عمله بالتأكيد على أن القضية الفلسطينية باتت تمثل اختبارا أخلاقيا للنظام العالمي القائم، معتبرا أن أي مشروع إصلاح دولي سيفقد شرعيته إذا تجاهل حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة.

وحذر من أن استمرار الغرب في دعم الاحتلال دون محاسبة سيسرع من سقوط النظام العالمي الحالي، ويفتح المجال أمام بناء منظومة بديلة أكثر عدلا وشمولية.
إشادة نقدية بالكتاب
وشهدت الندوة حضور نخبة من النقاد والخبراء، الذين أجمعوا على أن مؤلف محمد السنوسي يعد “جرأة فكرية نادرة” و”رؤية ثورية” تسعى إلى كسر منطق الهيمنة التقليدية، وتؤسس لخطاب عالمي جديد يستجيب لمطالب الكرامة والعدالة المشتركة بين الشعوب.
المقالة السنوسي يفكك تناقضات الغرب بعد طوفان الأقصى نشرت في موقع H-NEWS آش نيوز
إرسال تعليق