مع الازدهار المستمر للفضاء الرقمي، بدأ مفهوم “الزواج عبر الإنترنت” أو ما يُعرف بـ”الزواج الافتراضي” يكتسب شهرة ويثير الجدل كظاهرة اجتماعية مثيرة للانتباه. في هذا النمط الجديد من العلاقات، يتعرف الأزواج المحتملون على بعضهم البعض من خلال وسطاء أو مؤثرين على منصات التواصل الاجتماعي، دون الحاجة إلى لقاءات وجهًا لوجه. ورغم مميزاته التكنولوجية، يثير هذا النموذج العديد من التساؤلات حول تأثيره على جودة العلاقات الإنسانية واستدامتها في غياب التواصل الواقعي.
نظرة علم النفس الاجتماعي إلى الزواج الافتراضي
يبرز الاهتمام الأكاديمي بهذا النوع من الزواج كجانب جدير بالدراسة والتحليل، وخاصة في ظل تحول المجتمع نحو الرقمنة. مصطفى السعليتي، أستاذ علم النفس الاجتماعي، يرى أن الزواج الافتراضي في سياق المجتمعات العربية، مثل المغرب، يقدم فرصة بديلة للبحث عن شريك الحياة في ظل تعقيدات الواقع الاجتماعي والاقتصادي. وأشار إلى أن التحديات المتعلقة بالعزوف عن الزواج بين الشباب، نتيجة العوامل الاقتصادية والمهنية، جعلت الفضاء الرقمي خيارًا شائعًا.
توفر الوسائط الرقمية مجالًا أوسع لتخطي الحواجز الجغرافية والثقافية، ما يمنح الأفراد فرصًا أكثر للوصول إلى شركاء محتملين. ولكن في الوقت نفسه، يشير السعليتي إلى أن هذه الطريقة تنطوي على مخاطرة بناء قرارات مصيرية على انطباعات أولية قد تكون مضللة. ومن هذا المنطلق، يستخدم مفهوم “التسويق العاطفي” لوصف الطريقة التي يسعى بها الناس لعرض أنفسهم عبر الإنترنت بشكل يعزز جاذبيتهم أمام الطرف الآخر.
الجانب الشرعي: بين الضوابط والتحديات
من الناحية الشرعية، يرى محمد لبيتي، الباحث في الفكر الإسلامي، أن فكرة الوساطة في الزواج ليست جديدة، لكنها تطورت مع الزمن بفضل التقدم التكنولوجي. وأوضح أن الوسائل الحديثة مثل مواقع الزواج الافتراضي قد تساهم في تيسير الزواج إن التزمت بالضوابط الشرعية، إلا أن تجاوز هذه الضوابط يجعلها محط تساؤلات شرعية وأخلاقية.
شدد لبيتي على أن أي وسيلة تُستخدم لتحقيق الزواج يجب أن تكون في إطار يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية التي تراعي القيم الاجتماعية وتحميها. لكنه أشار أيضًا إلى مخاطر استغلال الأشخاص المحتاجين للزواج عبر هذه الوسائل لتحقيق مكاسب شخصية من قبل بعض الفئات. فهناك بعض التطبيقات والمواقع التي تحيد عن الهدف الأساسي للزواج وتتعامل معه بسطحية أو تسخر منه لتحصيل مكاسب على حساب مشاعر الآخرين.
هل هو حل أم تحدٍ؟
بين المزايا والعيوب، يبدو أن “الزواج الافتراضي” يمثل حلاً عمليًا للمجتمع العصري الذي يشهد تغيرات عميقة في بنيته الاجتماعية والاقتصادية. ومع ذلك، يحمل هذا النمط من الارتباط مخاطره الخاصة التي تستوجب وعيًا اجتماعيًا وقانونيًا أعمق. فنجاح تجربة أو اثنتين لا يعني بالضرورة أنها نموذج مثالي يمكن تعميمه، بل لابد من دراسة الظروف المحيطة وضمان وجود آليات لتأمين مصداقية العلاقات التي تُبنى عبر الفضاء الرقمي.
ختامًا، يبدو أن الزواج الافتراضي ليس بديلاً كاملاً للزواج التقليدي بقدر ما هو استجابة لاحتياجات مجتمعية مستجدة. وبينما يقدم فرصًا استثنائية للبعض، فإن نجاحه واستدامته يتطلبان مزيجًا من الفهم الثقافي والوعي القانوني، مع التزام حقيقي بالقيم الإنسانية والدينية لضمان مستقبل أفضل لهذه العلاقات الجديدة.

The post زواج من نوع غريب يغزو المغاربة؟ appeared first on أريفينو.نت.
إرسال تعليق