فاس : محمد غفغوف
في مشهد يعيد إلى الأذهان مآسي العمال البسطاء الذين يُستنزف جهدهم مقابل وعود زائفة، تستمر شركة ميكومار، المفوض لها تدبير قطاع النظافة في فاس2، في تجاهل التزاماتها الاجتماعية والتنصل من أداء الأجور في وقتها المحدد، مما زاد من معاناة مئات العمال وأسرهم، خاصة في هذا الشهر الفضيل الذي اقترن بعيد الفطر السعيد، والذي لم يكن سعيدًا لهذه الفئة الكادحة.
فمنذ توقيعها العقد مع جماعة فاس، لم تلتزم ميكومار بدفتر التحملات، حيث يعاني العمال من تأخير الرواتب، إضافة إلى ظروف عمل كارثية، تتمثل في الاعتماد على معدات متهالكة وانعدام وسائل الحماية والتجهيزات الأساسية. هذا الواقع المزري دفع نقابة القطاع، التابعة للاتحاد العام للشغالين بالمغرب بإقليم فاس، إلى اتخاذ قرار التوقف عن العمل في مختلف المقاطعات (أكدال، المرينيين، سايس، وزواغة)، احتجاجًا على مماطلة الشركة وعدم احترامها لالتزاماتها السابقة.
ما يثير الاستغراب أكثر هو الصمت المطبق للمنتخبين والمسؤولين المحليين الذين من المفترض أن يكونوا أول المدافعين عن حقوق هذه الفئة التي تضمن نظافة المدينة وتحمي ساكنتها من الكوارث البيئية والصحية، فهل تحول هؤلاء المسؤولون إلى متواطئين مع الشركة عبر السكوت عن تجاوزاتها؟ أم أنهم يرون في هذه المعاناة مجرد “تفاصيل” لا تستحق الاهتمام؟
إن الوضع في فاس ليس استثناءً، إذ تواجه الشركة نفسها احتجاجات مماثلة في مدن أخرى مثل مرتيل، المضيق، مكناس، وسلا، حيث يتكرر سيناريو التلاعب بحقوق العمال والاستخفاف بالتزاماتها التعاقدية، فهل تتحرك السلطات المختصة لفرض احترام دفتر التحملات، أم أن دار لقمان ستبقى على حالها، ويظل عمال النظافة وحدهم في مواجهة الجحود واللامبالاة؟
ووسط هذا الظلام الحالك، لا بد من الإشادة بالمواقف الشجاعة للكتابة الإقليمية للاتحاد العام للشغالين بفاس بقيادة المناضل إدريس أبلهاض، التي وقفت بثبات إلى جانب هذه الفئة ودعمتها في كل محطاتها النضالية، لكن المعركة لم تنتهِ بعد، والمسؤولية تقع على عاتق الجميع لإنصاف هؤلاء العمال، الذين هم العمود الفقري لصحة ونظافة المدينة.
إن استمرار هذا الوضع المأساوي يستوجب تدخلاً عاجلاً من الجهات الوصية، فإما أن يتم إنصاف العمال وإجبار الشركة على الالتزام بتعهداتها، أو أن تعيد الجماعة النظر في العقد برمته، حماية لحقوق العمال وصونًا لكرامة المدينة.
إرسال تعليق