قمة نواكشوط الاقتصادية: لقاء رئاسي للوفد البرلماني يطلق شراكة مغربية موريتانية واعدة نحو المستقبل

نواكشوط – مراسلة خاصة -فاس24

تحت رعاية سامية وعناية خاصة تجسدت في استقبال فخامة الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني للوفد البرلماني المغربي الرفيع برئاسة السيد راشيد الطالبي العلمي، أسدل الستار على فعاليات المنتدى البرلماني الاقتصادي الموريتاني المغربي الأول في نواكشوط. هذا الحدث الهام، الذي انعقد تحت شعار “نحو شراكة اقتصادية برلمانية متينة”، لم يكن مجرد لقاء عابر، بل مثّل محطة استراتيجية لترسيخ دعائم تعاون اقتصادي متين يرتكز على الروابط التاريخية والثقافية العميقة التي تجمع المملكتين الشقيقتين.

المنتدى، الذي شهد حضور نخبة من البرلمانيين والمسؤولين الحكوميين والقيادات الاقتصادية من كلا البلدين، انطلق بكلمات افتتاحية رسمت خارطة طريق طموحة نحو مستقبل اقتصادي مشترك. وقد أكد المتحدثون على ضرورة ترجمة عمق العلاقات الأخوية إلى مشاريع ملموسة تعود بالنفع على الشعبين، وتستثمر الإمكانات الهائلة التي يزخر بها البلدان.

وتنوعت أشغال المنتدى في إطار من الجدية والتركيز على تحقيق نتائج عملية، حيث تم تنظيم سلسلة من الجلسات العامة وورشات العمل المتخصصة التي تناولت قطاعات استراتيجية حيوية. وفي مقدمة هذه القطاعات، حظي الأمن الغذائي والقطاع الفلاحي بأولوية قصوى، حيث تم تبادل الخبرات والمعارف لتعزيز الإنتاج المستدام وتحقيق الاكتفاء الذاتي المشترك.

كما استأثر قطاع الطاقة والمعادن بنقاشات معمقة، استهدفت استكشاف فرص التعاون في مجال الطاقات المتجددة، التي يمتلك فيها البلدان تجارب رائدة على المستوى القاري، بالإضافة إلى الاستغلال الأمثل والمستدام للموارد الطبيعية.

وفي سياق تعزيز الاندماج الاقتصادي، تم التركيز بشكل خاص على تطوير البنية التحتية وشبكات النقل، باعتبارها عصب التبادلات التجارية وحركة الاستثمار. وقد تم بحث آليات مشتركة لتطوير الربط البري والجوي والبحري، بما يسهل انسياب السلع والخدمات ورؤوس الأموال.

ولم يغب عن أجندة المنتدى قطاعا السياحة والصناعة التقليدية، اللذان يمثلان رافداً هاماً للاقتصاد وفرصاً واعدة لخلق الثروة وفرص العمل. وقد تم استكشاف سبل تعزيز التعاون في الترويج المشترك للمنتجات السياحية والحرفية، وتسويق الهوية الثقافية الغنية للبلدين.

كما حظي الاقتصاد الرقمي والتكنولوجيا الحديثة بمكانة بارزة في النقاشات، إدراكاً للدور المتزايد الذي يلعبه هذا القطاع في تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة. وقد تم التأكيد على أهمية تبادل الخبرات وتطوير البنية التحتية الرقمية المشتركة.

وفي تتويج لأشغال المنتدى المثمرة، تم الإعلان عن “إعلان نواكشوط”، الذي يمثل وثيقة مرجعية تحدد الخطوط العريضة للشراكة الاقتصادية المستقبلية بين البلدين. وقد تضمن الإعلان دعوة صريحة لتفعيل التعاون في مختلف القطاعات، واستغلال الموقع الاستراتيجي للمغرب وموريتانيا كبوابة نحو منطقة الساحل، بالإضافة إلى تسهيل الإجراءات وتشجيع الاستثمار المتبادل.

من جهته، عبّر السيد محمد شوكي، رئيس الفريق البرلماني للتجمع الوطني للأحرار الذي كانت مشاركته بارزة ضمن الوفد الرسمي المغربي، عن ارتياحه العميق لمخرجات المنتدى، مؤكداً في تصريح خاص للجريدة “فاس24”:

“إن مشاركتنا في المنتدى البرلماني الاقتصادي الموريتاني المغربي الأول في نواكشوط كانت مثمرة وبناءة للغاية. لقد لمسنا إرادة قوية لدى الجانب الموريتاني الشقيق لتطوير علاقاتنا الاقتصادية والارتقاء بها إلى مستوى طموحات شعبينا وتاريخنا المشترك.

بالنسبة لفريق التجمع الوطني للأحرار، يضيف السيد شوكي نؤمن بأن هذا المنتدى يمثل فرصة حقيقية لتفعيل شراكة إستراتيجية بين بلدينا. لقد استمعنا باهتمام كبير إلى العروض والمداخلات القيمة التي قدمها المسؤولون والفاعلون الاقتصاديون الموريتانيون، وحددنا العديد من المجالات الواعدة للتعاون التي يمكن أن تحقق قيمة مضافة لاقتصادينا.

و أكد نفس المتحدث أنهم على استعداد تام، من موقعهم في المؤسسة التشريعية، لتقديم كل الدعم اللازم لتنزيل مخرجات هذا المنتدى على أرض الواقع. سنعمل مع الحكومة والقطاع الخاص لتذليل العقبات وتشجيع الاستثمارات المشتركة وتعزيز التبادل التجاري مع بلد شقيق و جار.””

إننا نرى في موريتانيا يقول السيد شوكي، عمقاً استراتيجياً للمغرب، وشريكاً أساسياً في تحقيق التنمية والازدهار في المنطقة. هذا المنتدى هو خطوة مهمة على طريق بناء مستقبل اقتصادي مشترك ومزدهر يخدم مصالح شعبينا الشقيقين.”

“…هذا المنتدى، الذي انعقد تحت شعار “نحو شراكة اقتصادية برلمانية متينة”، لم يكن مجرد لقاء عابر، بل مثّل محطة استراتيجية لترسيخ دعائم تعاون اقتصادي متين يرتكز على الروابط التاريخية والثقافية العميقة التي تجمع المملكتين الشقيقتين. وقد جاء هذا المنتدى ثمرة للمجهودات الحثيثة التي يقودها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، والرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، والتي تهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية والارتقاء بها إلى مستويات استراتيجية تخدم المصالح المشتركة للبلدين.

لقد أسدل الستار على فعاليات المنتدى البرلماني الاقتصادي الموريتاني المغربي الأول في نواكشوط تاركاً وراءه زخماً إيجابياً وتطلعات كبيرة. وباستقبال الرئيس الموريتاني للوفد المغربي، تكون قمة نواكشوط قد أرست دعائم شراكة استراتيجية واعدة، يبقى تفعيلها وترجمتها إلى واقع ملموس هو التحدي والهدف الأسمى للمرحلة القادمة، بما يخدم مصلحة الشعبين الشقيقين ويعزز الاستقرار والازدهار في المنطقة.

Post a Comment

أحدث أقدم