من جبال الأطلس إلى موائد أوروبا “الذهب المغربي الحلو” ينافس الكبار؟

أريفينو.نت/خاص
تتألق زراعة اللوز في المغرب كقطاع واعد ذي إمكانات تنموية هائلة، حيث تحتل المملكة مكانة مرموقة على الصعيد العالمي، معززةً ذلك بجهود حثيثة لتطوير هذه السلسلة ضمن استراتيجية “الجيل الأخضر” الطموحة. وقد شكل مهرجان اللوز بتافراوت مؤخراً منصة هامة لإبراز هذه الثروة الوطنية.

من تافراوت إلى وليلي: رحلة اللوز المغربي عبر التاريخ.. كنوز الماضي تُبشّر بمستقبل واعد!
شهدت مدينة تافراوت، التابعة لإقليم تزنيت، مؤخراً فعاليات الدورة الثانية عشرة لمهرجان اللوز، هذا الحدث السنوي الذي استقطب حوالي 100 عارض وأكثر من 100 ألف زائر، وكان بمثابة نافذة لعرض آخر الابتكارات والمستجدات في هذا القطاع الحيوي. تمتد مزارع اللوز في المغرب على مساحة تقدر بـ 246 ألف هكتار، وتساهم في إنتاج وطني سنوي يتجاوز 160 ألف طن، مما يضع المملكة في المرتبة الخامسة عالمياً بعد قوى كبرى في هذا المجال كالولايات المتحدة الأمريكية، وأستراليا، وإسبانيا، وتركيا. ويحقق هذا القطاع رقم معاملات متوسط يناهز مليار درهم سنوياً. وتنتشر زراعة اللوز في مختلف ربوع المملكة، مع تركيز خاص في المناطق الجبلية حيث تُعتبر جزءاً من التراث الزراعي العريق، إذ تشير الاكتشافات الأثرية إلى أن الرومان القدماء كانوا يمارسون هذه الزراعة في منطقة وليلي التاريخية. كما تزدهر هذه الشجرة في مناطق أخرى كفاس-مكناس، والجهة الشرقية، والأطلس المتوسط، وإقليم الحسيمة.

“الجيل الأخضر” يُراهن على اللوز: 108 آلاف هكتار إضافية لتحقيق الاكتفاء وتصدير الفائض!
أكد السيد أحمد البواري، وزير الفلاحة والتنمية القروية والصيد البحري والمياه والغابات، خلال حضوره فعاليات مهرجان تافراوت، على الأهمية الاقتصادية والاجتماعية البالغة لسلسلة اللوز، ودورها الفاعل في توفير فرص الشغل وتنويع مصادر الدخل للمزارعين، حيث تساهم في توفير ما يزيد عن 27 مليون يوم عمل سنوياً. وكشف الوزير أنه في إطار استراتيجية “الجيل الأخضر”، من المقرر إبرام برنامج تعاقدي جديد بين الدولة والمهنيين يهدف إلى زراعة 108 آلاف هكتار إضافية بأشجار اللوز بحلول عام 2030، مع طموح للوصول إلى إنتاج إجمالي يبلغ 250 ألف طن.

شجرة الصمود والتحدي: كيف يتأقلم اللوز المغربي مع قسوة المناخ ويُقاوم شبح الجفاف؟
وفي هذا السياق، أوضح الخبير الزراعي محمد الفيلالي أن زراعة اللوز تحتل المرتبة الثانية في قطاع الأشجار المثمرة بالمغرب بعد الزيتون، مرجعاً الاهتمام المتزايد بها إلى عدة عوامل. وقال الفيلالي: “أولاً، اللوز نبات يتأقلم بشكل مثالي مع المناخ شبه الجاف السائد في بلادنا، حيث يحتاج إلى حوالي 400 ملم من الأمطار سنوياً، وهو ما يقارب المتوسط الوطني، لضمان إنتاج وفير. وبالتالي، يُنصح به بشدة لقدرته العالية على مقاومة الجفاف، فنظامه الجذري المتعمق يمكنه من الوصول إلى المياه الجوفية وتخزينها”. وأضاف أن شجرة اللوز تتميز أيضاً بقدرتها على تحمل الظروف المناخية القاسية الأخرى مثل البرد والصقيع، ويمكن زراعتها في مختلف أنواع الأتربة، بما في ذلك الأراضي الوعرة والصعبة. وبفضل مردوديتها الجيدة للهكتار الواحد، تُعتبر بديلاً ممتازاً للزراعات البورية التقليدية مثل الحبوب، كما أن لها فوائد بيئية جمة، أبرزها دورها في مكافحة انجراف التربة.

“البلدي” أم “الأجنبي”؟ معادلة صعبة بين مقاومة الأصناف المحلية وجاذبية الإنتاجية العالية!
تلعب زراعة اللوز دوراً اجتماعياً محورياً، خاصة بالنسبة لصغار الفلاحين، حيث إن حوالي 80% من مزارع اللوز هي عبارة عن استغلاليات صغيرة لا تتجاوز مساحتها عادة الهكتار الواحد، وتتركز غالبيتها في المناطق البورية التي تعتمد على أصناف “بلدية” متوارثة. وحول هذه النقطة، يشير الفيلالي إلى أن “الأصناف البلدية، رغم مقاومتها العالية للجفاف، إلا أنها أقل مردودية مقارنة بالأصناف المستوردة. غير أن هذه الأخيرة تتطلب عناية خاصة وكميات كبيرة من المياه ومتابعة دقيقة ومنتظمة”. ويؤكد الخبير على أهمية الأصناف المغربية التي تحظى بتقدير كبير لجودتها العالية، داعياً إلى ضرورة تثمينها والترويج لها عبر تنظيم الفلاحين في إطار تعاونيات أو جمعيات مهنية.

من “أملو” الذهبي إلى زيوت التجميل: كنوز اللوز المغربي تُغري الأسواق العالمية بفوائدها المتعددة!
تتجاوز قيمة اللوز المغربي مجرد ثماره، حيث أن منتجاته المشتقة مثل “أملو” الشهير أو زيت اللوز الطبيعي، أصبحت تحظى بطلب متزايد سواء داخل المغرب أو في الأسواق العالمية. ويعود هذا الإقبال إلى الخصائص الغذائية الفريدة لهذه المنتجات، فضلاً عن استخداماتها المتعددة في مجالات التجميل والعلاجات الطبيعية، مما يفتح آفاقاً واسعة لتنمية هذه السلسلة بشكل متكامل.

The post من جبال الأطلس إلى موائد أوروبا “الذهب المغربي الحلو” ينافس الكبار؟ appeared first on أريفينو.نت.

Post a Comment

أحدث أقدم