آيت بويحيي… قصة الأرض والكرم

جريدة الكترونية شاملة صادرة من الناظور / المغرب

آيت بويحيي… قصة الأرض والكرم

آيت بويحيي… قصة الأرض والكرم

حين تتحدث عن قبيلة آيت بويحيي، فأنت لا تذكر مجرد اسم جغرافي على خريطة الريف الشرقي للمغرب، بل تفتح بوابة واسعة على التاريخ، وعلى روحٍ أمازيغية أبت أن تنكسر، رغم عوادي الزمن وتقلبات الحياة.

آيت بويحيي، القبيلة التي أنجبت الأحرار، وصانت الأرض، وحملت مشعل الكرم والشهامة عبر أجيال. قبيلة لم تُعرف فقط بموقعها الإستراتيجي في إقليم الناظور، بل عُرفت برجالها ونسائها، بصلابتهم في الميدان، وحنانهم في الجوار، بحكمتهم في الأزمات، وشجاعتهم في الشدائد.

أرض آيت بويحيي لا تباع ولا تُفرّط، لأنها موروث الأجداد، ووصية الآباء، وحق الأبناء. من جبالها وسهولها خرج الفلاح، والمجاهد، والعامل، والمهاجر، وكلهم يحملون في قلوبهم خريطة واحدة: حدودها كرامة، وعاصمتها “الوفاء”.

الضيف لا يُسأل من أين أتى، بل يُستقبل بالقلب قبل الكلمة، بالكسرة قبل السؤال، وبالدفء قبل الفراش. في بيوت آيت بويحيي، البساطة لا تلغي الفخامة… لأن الفخامة هنا ليست في الزينة، بل في النية الطيبة، واليد السخية، والكلمة الصادقة.

شتاتهم في العالم ليس ضعفًا، بل امتداد. من فرنسا إلى هولندا، من بلجيكا إلى ألمانيا، ومن بركان إلى الناظور، يحملون في لهجاتهم نغمة الريف الأصيلة، وفي جيوبهم صور الطفولة في الحقول، وفي عقولهم حلم العودة… لا عودة العجز، بل عودة البناء.

هم أبناء الأرض الصلبة، لا ينسون أمهاتهم وهنّ يحمصن القمح على الموقد، ولا آباءهم وهم يحرثون الأرض بصمت وفخر، ولا أجدادهم الذين علموهم أن الشرف لا يُورّث… بل يُحمى.

اليوم، في زمن التحديات الاقتصادية، والهجرة القاسية، والضغوط الاجتماعية، تظل قبيلة آيت بويحيي وفية لهويتها. تواكب التغيير دون أن تفرّط في الثوابت، وتفتح أبوابها للمستقبل دون أن تُغلق نوافذها على الماضي المجيد.

ولأن القرى لا تبنى بالإسمنت فقط، بل بالحب والانتماء، فإن أبناء هذه القبيلة اليوم، في الداخل كما في الخارج، مدعوون لصون هذا الإرث، واستثماره، وتجميله، ونقله لمن يأتي بعدهم… لا كمجرد حكاية، بل كمنهج حياة.

آيت بويحيي… قصة لا تنتهي، لأن منبتها الصدق، وجذورها الأرض، وأغصانها أمل لا يموت

Post a Comment

أحدث أقدم