كتب / ذ.ابراهيم ابهوش
تشهد الساحة السياسية في الصحراء المغربية تحركات مكثفة تعكس سباقًا محمومًا بين الأحزاب الكبرى، حيث يسعى كل طرف إلى تعزيز موقعه وإعادة ترتيب خارطة النفوذ استعدادًا للمرحلة المقبلة. النزول القوي لعزيز أخنوش في الداخلة عبر لقاءات تشاركية يثير أسئلة جوهرية حول الأهداف الحقيقية لهذه التحركات، خاصة مع التركيز على ملف البحارة الذي يعد أحد الملفات الحيوية للاقتصاد المحلي. هل يسعى أخنوش إلى فرض نفوذه السياسي من بوابة الاقتصاد؟ وهل هذه التحركات تعكس توجهًا جديدًا لإعادة ضبط العلاقة بين الفاعلين المحليين والقيادات السياسية؟
وسط هذه التحركات، جاء قرار الوزيرة زكية الدرويش بتفويت مجموعة من اختصاصاتها الوزارية للكاتب العام في خطوة أثارت الجدل حول دوافعها وتوقيتها، فهل هو مجرد إجراء إداري روتيني أم أنه يحمل خلفيات سياسية تتعلق ب ترتيب مراكز القوة داخل الحكومة؟ في موازاة ذلك، تستعد العيون، العاصمة السياسية للصحراء المغربية، لاستقبال أخنوش في لقاء سياسي مهم، تتوجه إليه الأنظار لمعرفة ما إذا كان سيحمل رسائل واضحة حول إعادة تشكيل التحالفات الحزبية في المنطقة، وكيف سيتفاعل الساسة الكبار في الأقاليم الجنوبية مع هذا الحدث؟
التنافس السياسي يزداد احتدامًا مع الخطوات التي يقوم بها الرجل القوي في الصحراء، مولاي حمدي ولد الرشيد، الذي برمج لقاءات مماثلة في طرفاية والعيون، خصوصًا بعد النجاح الباهر الذي حققه لقاء السمارة، مما يؤكد أن التنافس على النفوذ السياسي دخل مرحلة جديدة. هل نحن أمام مواجهة مباشرة بين القوى التقليدية وحزب التجمع الوطني للأحرار؟ وهل يمكن لهذه التحركات أن تؤدي إلى تغييرات جذرية في المشهد الانتخابي القادم؟
هذه التحركات لم تأتِ بمعزل عن السياق السياسي الوطني، إذ جاءت في أعقاب إعادة انتخاب عبد الإله بنكيران أمينًا عامًا لحزب العدالة والتنمية، حيث خرج بتصريحات مثيرة حول المشهد السياسي، مما أثار تساؤلات حول الدور الذي سيلعبه الحزب في المرحلة المقبلة. في المقابل، الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أكد أهمية ملتمس الرقابة لإسقاط الحكومة، فيما عبر حزب التقدم والاشتراكية عن سخطه من أداء الحكومة. كيف ستؤثر هذه التفاعلات على مستقبل السياسة في الأقاليم الجنوبية؟ وهل ستدفع الحكومة إلى إعادة صياغة استراتيجياتها لتدبير الملف الصحراوي؟
إلى جانب هذه الحسابات الداخلية، لا يمكن إغفال التأثير الدولي على هذه التحركات السياسية، حيث تزامنت مع الاعترافات المتزايدة بمغربية الصحراء، مما يفتح الباب أمام قراءة جديدة حول طبيعة هذه اللقاءات، وهل تحمل رسائل سياسية موجهة إلى القوى الدولية؟ وهل يمكن لهذه التغيرات أن تدفع نحو تسريع تنزيل الحكم الذاتي كحل واقعي لإنهاء النزاع؟
الجانب الاجتماعي والاقتصادي لهذه اللقاءات يظل نقطة محورية، حيث يترقب المواطنون في الأقاليم الجنوبية معرفة مدى جدية هذه التحركات في تحسين واقعهم اليومي. كيف يمكن إشراك قبائل الصحراء لضمان نجاح الحكم الذاتي وتجاوز أخطاء الماضي؟ وهل هناك رؤية واضحة لرسم خارطة طريق تنموية بأفق تكاملي يراعي الخصوصية الثقافية والاجتماعية للمنطقة؟
المرحلة القادمة ستكون حاسمة في تحديد مسار هذه التحركات السياسية، فإما أن تؤدي إلى إعادة تشكيل التحالفات ضمن توازنات جديدة، أو أننا أمام صراع سياسي مفتوح قد يغير ملامح المشهد الحزبي المغربي. هل ستنجح الأحزاب في التموقع داخل هذه المعادلة الجديدة، أم أن الرهانات الحالية ستقود إلى تصعيد سياسي غير مسبوق؟ الإجابة ستكشف عنها الأيام القادمة، وسط ترقب واسع لما ستفرزه هذه التحولات من تغيرات في موازين القوى داخل الصحراء المغربية.
The post ذ. ابهوش يكتب : تحركات الأحزاب بجهات الجنوب مؤشر على خريطة انتخابية جديدة تتشكل بالصحراء appeared first on الرباط نيوز.
إرسال تعليق