ريف ديا /// احمد علي المرس
في حادثة مثيرة تكشف عن حجم التحديات الأمنية التي تواجهها المملكة، عاشت منطقة العرجات بضواحي العاصمة الرباط على وقع استنفار أمني غير مسبوق إثر انقلاب شاحنة محملة بكميات ضخمة من مخدر “الحشيش”، قادمة من شمال المغرب، وهو ما فجّر موجة من الأسئلة الحارقة حول كيفية وصول هذه الشاحنة إلى مشارف العاصمة دون أن يتم رصدها أو توقيفها على طول الطريق. فالطريق بين شمال المملكة والرباط ليست طريقًا نائية أو خالية من المراقبة، بل تمر عبر محاور حيوية تتخللها نقاط تفتيش ودوريات أمنية، الأمر الذي يدفع إلى طرح تساؤلات جوهرية حول مدى وجود اختراقات أو تواطؤ محتمل من جهات سهّلت عبور الشاحنة، سواء من داخل الإدارة أو بين أعوان المراقبة. الحادث لم يكن مجرد انقلاب عارض، بل هو عنوان صارخ لظاهرة خطيرة، تختزل في طياتها تورط شبكات تهريب منظمة تعتمد أساليب احترافية في التمويه والتحرك، مستفيدة من ثغرات في منظومة الرقابة، وربما من تواطؤات صامتة. التحقيقات الجارية مع سائق الشاحنة قد تكشف معطيات مهمة، لكن المؤكد أن هذا السائق ليس سوى واجهة لجهات أكبر، تتحكم في شبكات التهريب، وتدير العمليات عن بُعد عبر وسطاء وسماسرة لهم امتدادات في الإدارة، وربما في بعض الأجهزة المتخاذلة. وهنا يُطرح السؤال بحدة؟ هل تقود هذه التحقيقات إلى كشف الرؤوس الكبيرة التي تقف وراء تسهيل عبور الشاحنة؟ وهل ستطال المساءلة كل من سهل أو تستر أو غض الطرف؟ إن الحزم في هذا الملف لا يقتضي فقط مصادرة المخدرات أو توقيف السائق، بل يستدعي الغوص عميقًا في شبكة العلاقات التي تحمي مثل هذه الشحنات، والتي استطاعت أن تمر من مسالك مفترضة أنها مراقبة، لتصل إلى العرجات، على مشارف قلب الدولة، دون أن يشعر بها أحد. ما حدث يجب ألا يمر مرور الكرام، بل هو لحظة فارقة لاختبار جدية الدولة في محاربة التهريب، والكشف عن جيوب الفساد، وتجفيف منابع التواطؤ التي جعلت من التراب الوطني ممرا آمنا للسموم. فالحشيش الذي انقلب قرب الرباط، انقلب معه أيضًا وهم المراقبة المشددة، وأسقط القناع عن تهاون قاتل يفتح شهية أباطرة التهريب ويمنحهم إحساسًا بالحصانة. لا نحتاج فقط إلى مصادرة الشحنات، بل إلى اجتثاث المنظومة المتواطئة التي تسهّل عبورها. فإما أن تُقطع رؤوس الأفاعي، أو نُسلم بأننا نعيش في ظل دولة تُخترق بسهولة من الداخل.
The post . “شاحنة الحشيش تنقلب قرب الرباط… فهل انقلب معها وهم المراقبة؟” appeared first on RifDia.Com.
إرسال تعليق