جريدة الكترونية شاملة صادرة من الناظور / المغرب
ذبح الأضاحي قبل موعدها يثير الجدل: بين مخالفة التوجيهات الرسمية وغياب الأجر الديني
ذبح الأضاحي قبل موعدها يثير الجدل: بين مخالفة التوجيهات الرسمية وغياب الأجر الديني
في خضم الاستعدادات لعيد الأضحى، وفي ظل الظرفية الاقتصادية والمناخية الصعبة التي تمر بها المملكة، برزت إلى السطح ظاهرة ذبح الأضاحي قبل موعدها الشرعي، وهو سلوك أثار نقاشًا واسعًا على المستويين الديني والاجتماعي، خصوصًا بعد دعوة عاهل البلاد إلى عدم نحر الأضاحي هذا العام، مراعاة لظروف القطيع الوطني، وتخفيفًا من حدة الغلاء على الأسر ذات الدخل المحدود ورفعا للحرج عنهم
وتأتي هذه الظاهرة في وقت تعرف فيه أسواق الماشية ارتفاعًا طفيفا في الأسعار، ما دفع بعض الأسر إلى اقتناء الأضحية وذبحها مبكرًا بدافع اقتصادي بحت، عبر تخزين اللحوم وتفادي الارتفاع المتواصل للأسعار كلما اقترب العيد.
من الناحية الدينية، يُجمع العلماء على أن الذبح قبل صلاة العيد لا يُعد أضحية شرعية، وإنما يُعتبر لحماً عادياً لا تترتب عليه أحكام الأضحية. وقد ورد في الحديث الصحيح أن “من ذبح قبل الصلاة فإنما هو لحمٌ قدمه لأهله، وليس من النسك في شيء”.
أما من الناحية التنظيمية، فقد أكدت مصادر رسمية أن ذبح الأضاحي خارج الأوقات الشرعية يخالف روح التوجيهات الملكية، التي دعت هذا العام إلى الامتناع عن الذبح حفاظًا على الثروة الحيوانية الوطنية، التي تأثرت بشكل كبير بفعل توالي سنوات الجفاف، وغلاء الأعلاف، وتراجع الإنتاج المحلي، هذا القرار الذي رحبت به اطياف واسعة من الشعب المغربي
وتُشير المعطيات إلى أن هذا السلوك يُسهم في زيادة الضغط على الأسواق، ويرفع من حدة المضاربات في الأسعار، كما يُؤثر سلبًا على المخزون الوطني من الماشية. وهو ما يُعمّق معاناة الأسر التي لا تزال تبحث عن أضحية بثمن معقول، في وقت تعيش فيه البلاد أزمة غلاء شاملة تطال مختلف المواد الأساسية.
خبراء اقتصاديون يرون في هذه الظاهرة تعبيرًا عن اختلال في وعي استهلاكي وديني، مؤكدين أن ذبح الأضاحي خارج السياق العبادي يُفرغ الشعيرة من مضمونها، ويحولها إلى ممارسة استهلاكية بحتة، بعيدة عن مقاصد الإسلام التي تقوم على النية، والموعد، والامتثال.
وتعالت في المقابل دعوات من فاعلين دينيين ومجتمعيين إلى التحلي بروح المسؤولية والامتثال للتوجيهات الرسمية والدينية، مع التشديد على أن الأضحية سُنّة مؤكدة مشروطة بالاستطاعة، وليست عبئًا اجتماعيًا أو واجبًا قهريًا، خصوصًا في سياقات استثنائية كالتي تمر بها المملكة.
وفي انتظار ما ستكشف عنه الأيام المقبلة من تطورات على مستوى وفرة العرض وأسعار السوق، يبقى الرهان معقودًا على تغليب صوت العقل والمصلحة العامة، واحترام توقيت العبادة وشروطها، لما فيه من خير للفرد والمجتمع.
إرسال تعليق