كوكب الغدارين

كوكب الغدارين

بقلم___ هند الصنعاني

في لحظة ما من حياتك، وأنت غارق في طمأنينة العلاقات، قد تظن أن من حولك ملائكة تمشي على الأرض، تراهم طيبين، ناصحي القلب، لا يحملون في صدورهم إلا الخير لك، وربما أكثر مما تحمل لنفسك، تبذل الجهد والنية والوقت لتبادلهم نفس الوفاء، وتُرضي ضميرك بأنك صادق معهم، نقي أمامهم، لا تحمل إلا النية البيضاء في كل قول وفعل.

لكن…
يأتي يوم لا يشبه ما قبله،
تستيقظ وكأنك انتقلت فجأة إلى “كوكب الغدارين”، كوكب مأهول بوجوه تعرفها جيدا… أو كنت تظن أنك تعرفها، تنظر إليهم فتراهم لأول مرة…. تكتشف الأقنعة التي كانت تبتسم لك، تبارك لك، وتشجعك، لم تكن إلا واجهات لقلوب خبيثة، تنسج خلف ظهرك حكايات، تطعنك، وتغدر بك.

الصدمة الأولى ليست في فعلهم، بل في عقلك الرافض أن يصدق، تقف بينك وبين الحقيقة هاوية من الذهول، تتساءل: كيف ولماذا؟ ومتى؟!
تُقلب المواقف وتعيد تحليل التصرفات… تبحث عن أي إشارة، عن أي علامة كنت قد تجاهلتها بدافع حسن الظن…لكن لا شيء يُنقذك من الحقيقة العارية، أنت الآن على كوكب الغدارين.

تبدأ صراعاتك الداخلية. هل تستمر كما كنت؟ طيبا، نقيا، شفافا؟….أم تتغير؟ تتقسى، تتلون، تتعلم الخديعة، وتمنح ظهرك لمن لا تثق به حتى لا يطعنك؟
هل تتمسك بتربيتك، بأصلك، بمبادئك، أم أنك بحاجة إلى “تجنُّس” بجنسية الغدارين؟
هل تصبح مثلهم كي تنجو؟ أم تصر على البقاء أنت، ولو كنت الوحيد المختلف في هذا الكوكب الغريب؟

الحقيقة المؤلمة أن كوكب الغدارين ليس مكانا بعيدا… بل هو واقع نعيشه حين تسقط الأقنعة، لكن الأجمل أن تكون أنت النور في هذا الظلام، أن تختار البقاء إنسانا طبيعيا، طيبا، لا ساذجا، حذرا، لا خبيثا،
أن تتعلم، لا أن تتلوث، الغدر عدوى… والطيبة قوة، فاحذر أن تعيش على كوكب الغدارين

The post كوكب الغدارين appeared first on الرباط نيوز.

Post a Comment

أحدث أقدم