القضاء يننظر في ملفات حوادث وهمية وسط جلسة ساخنة

 

شهدت القاعة رقم 2 بمحكمة الاستئناف بالجديدة، الأسبوع الماضي، جلسة مطولة استمرت من التاسعة صباحاً إلى السادسة مساءً، خصصت للبت في مجموعة من الملفات الجنحية العادية وقضايا الجنح التلبسية، حيث استأثرت قضايا “حوادث السير الوهمية” باهتمام الحضور، خاصة بعد مثول ثلاثة متهمين أمام العدالة في حالة اعتقال.

الجلسة، التي ترأسها القاضي أحمد الصغير، رئيس الغرفة الجنحية التلبسية، عرفت حضوراً كثيفاً من عائلات المتهمين والمتقاضين، حيث تم تأجيل بعض الملفات لمنح الوقت الكافي لإعداد الدفاع، فيما انطلقت مناقشة الملفات المحالة بعد الظهر، ومن بينها ملفات تتعلق بالاتجار في المخدرات والعنف بين الجيران، إلا أن قضايا الاحتيال على شركات التأمين عبر افتعال حوادث سير تصدرت المشهد القضائي.

تفاصيل خطط النصب والادعاءات الزائفة

أول المتهمين، شاب في السادسة والعشرين من عمره، أنكر التهم المنسوبة إليه، رغم مواجهته بتصريحات سابقة أدلى بها أمام الضابطة القضائية، تضمنت اعترافات بتورطه في حادثتي سير مفبركتين، وبحصوله على شهادات طبية من طبيب خاص بعد امتناع طبيب المستشفى الإقليمي عن تزويده بها. المتهم حاول تحميل محاميته المسؤولية عن الإجراءات، نافياً استفادته من أي تعويض مالي.

أما المتهم الثاني، فقد جاء اعتقاله بناءً على شكاية تقدمت بها شركتا تأمين، بعد رصد تلاعبات في ملفات التعويضات، إذ اعترف أمام المحكمة بمشاركته في أربع حوادث سير وهمية بتنسيق مع شبكة تضم أطباء ومحامين، وحصوله رفقة شركائه على مبالغ وصلت إلى 56 ألف درهم في بعض الحالات.

المتهم الثالث، الذي تم إيقافه في طانطان، أقر بدوره أمام المحكمة بتورطه في الحادثة المفبركة الأولى، وبتلقيه مبلغاً يقارب 30 ألف درهم كتعويض مدني، ما عزز قرائن التلاعب التي كشفت عنها التحقيقات.

الدفاع يشكك في المحاضر ويطالب بتخفيف العقوبة

أثناء المرافعات، قدم دفاع المتهمين دفوعات شكلية طعن فيها بمصداقية محاضر الضابطة القضائية، معتبراً أن تصريحات المتهمين لم تكن ثابتة ولا حاسمة، خاصة في ظل إنكارهم المتواصل في مختلف مراحل المحاكمة. كما تساءل الدفاع عن مدى قانونية منع الضحايا من الحصول على شهادات طبية من أطباء خواص، مبرزاً أن الامتناع الصادر عن أطباء القطاع العام كان وراء لجوء المتهمين إلى الطب الخاص.

وشدد المحامون على قساوة الحكم الابتدائي الذي قضى بخمس سنوات حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها 5 آلاف درهم لكل متهم، إضافة إلى تعويضات ثقيلة لفائدة شركات التأمين وصلت إلى 40 مليون سنتيم في بعض الحالات، مقارنة بمبالغ “زهيدة” تم منحها للضحايا المفترضين لحوادث السير.

خلفيات القضية وامتداداتها

تعود جذور هذه القضايا إلى شبكات معقدة تعمل على فبركة حوادث سير بتنسيق بين متهمين وأطباء ومحامين، وذلك بهدف الاحتيال على شركات التأمين، في سيناريو يتكرر باستغلال ثغرات قانونية وإجراءات طبية. وتعد هذه الملفات من أبرز القضايا التي تتابعها المحكمة، في سياق التصدي لظاهرة الاحتيال على شركات التأمين التي أصبحت أكثر يقظة عبر تحريات داخلية وخبرات مضادة.

الجلسة تواصلت إلى حدود المساء، وسط ترقب كبير من قبل الحضور، في انتظار ما ستقرره هيئة المحكمة في قادم الجلسات، بشأن هذه القضايا التي باتت تُصنف ضمن أخطر ملفات النصب على شركات التأمين.

The post القضاء يننظر في ملفات حوادث وهمية وسط جلسة ساخنة first appeared on صباح أكادير.

Post a Comment

أحدث أقدم