على بعد أيام قليلة من الدخول الدراسي الجديد، عاش أطر هيئة التدريس المغربية خلال الساعات الماضية على وقع حالة من التوتر والقلق، وذلك على خلفية تداول وثيقة لجدول أعمال المجلس الحكومي المرتقب انعقاده يوم الخميس 28 غشت الجاري، والذي تضمن بين نقاطه المدرجة، المصادقة النهائية على مشروع المرسوم رقم 2.25.539، المعدّل للمرسوم رقم 2.05.1012، والمتعلق بتحديد مقادير التعويضات عن الساعات الإضافية الممنوحة للمدرسين.
وارتباطا بالموضوع، أكدت النقابات التعليمية الأكثر تمثيلاً في مناسبات سابقة، أن تنفيذ ما تبقّى من اتفاق 26 دجنبر 2023، وعلى رأسه تخفيض ساعات العمل، أصبح مطلباً عاجلاً، معتبرة أن أي إصلاح حقيقي يجب أن يبدأ بالرفع من قيمة التعويضات ومراجعة زمن العمل قبل اعتماد التعديلات الجديدة.
في سياق متصل، شدد نشطاء التعليم على أن الحكومة تصر على السباحة ضد التيار من خلال تمرير تعويضات "هزيلة جدًا" تُقتطع منها الضرائب، ما قد يؤدي إلى إرهاق أطر التدريس، وبالتالي التأثير سلباً على جودة التعليم وسيرورة الدروس، كما أبرز عدد من الأساتذة أن المرسوم الجديد قد يكرّس التمييز بين الأسلاك التعليمية، مشيرين إلى أن مدرّس الابتدائي يعاني من ضعف التعويض مقارنة بزملائه في التعليم الإعدادي والثانوي، ما يهدد بخلق انقسامات داخل القطاع على أساس السلك التعليمي.
ويأتي هذا التوتر في سياق اتفاق 26 دجنبر 2023 الذي تضمن بنوداً تهدف إلى تطوير النظام الأساسي لموظفي قطاع التربية، ومن أبرزها تخفيض ساعات العمل وتحسين الدخل وإدماج فئات متعددة بطريقة عادلة ومنصفة.
وتشير النقابات إلى أن من أبرز مطالبها الإفراج عن قرار تقليص ساعات العمل في أسلاك التدريس، خاصة أساتذة الابتدائي والإعدادي، وصرف التعويضات بأثر رجعي.
وحسب المرسوم المنشور في الجريدة الرسمية (فبراير 2024)، تبلغ قيمة التعويض عن كل ساعة إضافية (سيقتطع منه أزيد من 30 في المئة كضريبة) 91 درهماً لأساتذة التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي، و156 درهماً لأساتذة الثانوي التأهيلي، و 234 درهماً لفئة "الأساتذة المبرزين للتربية والتكوين" في الأقسام التحضيرية أو التقنية أو المعاهد العليا، إلا أن هذه المبالغ لا تبدو كافية لمواكبة تكاليف الحياة ولا تعكس الجهد الإضافي للمدرس، ما يدفع النقابات إلى المطالبة بإعادة النظر فيها وتحسينها.
في مقابل ذلك، يرى مراقبون أن المصادقة على المرسوم، إن تمت، قد لا تمثل إصلاحاً حقيقياً بقدر ما ستكون تأجيلاً للمطالب الحقيقية للقطاع، ما يلزم الحكومة بضرورة فتح باب الحوار مجدداً، بهدف توضيح آليات توزيع التعويضات، وكذا مراجعة أيام وساعات العمل الأسبوعية، والعمل على تسريع تنفيذ بنود اتفاق 26 دجنبر 2023 لضمان استقرار القطاع وحماية جودة التعليم.
ومع اقتراب الدخول المدرسي المقرر بداية شهر شتنبر المقبل، لوّح أطر هيئة التدريس بخوض أشكال نضالية احتجاجية إذا استمرت الحكومة في تجاهل مطالبهم الأساسية، من قبيل تخفيض ساعات العمل وتحسين التعويضات عن الساعات الإضافية. ويعتبر هؤلاء أن عدم الاستجابة لمطالبهم سيجعل من الخريف القادم مرحلة حادة من الاحتجاجات داخل القطاع، تهدف إلى الدفاع عن حقوقهم وضمان بيئة تعليمية عادلة ومستقرة، مؤكدين أن صبرهم لم يعد مطلقًا وأنهم مستعدون لتحريك كل الوسائل المتاحة لإسماع صوتهم قبل أن يتحول الوضع إلى أزمة أكبر تؤثر على جودة التعليم وسير الدروس.
إرسال تعليق