إكراهات النقل الصحي بالمركز الاستشفائي الجامعي بفاس: بين غياب الإدارة وسطوة الأمن الخاص!

فاس : محمد غفغوف

في مشهد يعكس عمق الإشكالات التدبيرية التي يعيشها المركز الاستشفائي الجامعي الحسن الثاني بفاس، تعرض تقني إسعاف ونقل صحي إلى الاحتجاز والإهانة داخل أسوار المستشفى من طرف حراس الأمن الخاص، في واقعة تكشف بجلاء عن غياب ممثل حقيقي للإدارة خلال الفترة الليلية، وترك زمام الأمور لأعوان الحراسة الذين أصبحوا يتحكمون في حركة سيارات الإسعاف والأطر الصحية.

فالحادثة التي وقعت مؤخرا، بالمستشفى الجامعي بفاس، لم تكن مجرد تصرف فردي طائش، بل تكرس لواقع مقلق داخل هذا المرفق الصحي، حيث يواجه تقنيو النقل الصحي صعوبات جمة في أداء مهامهم، من بينها العراقيل التي يضعها الأمن الخاص أمام سيارات الإسعاف، مما يعطل التدخلات العاجلة ويتسبب في أضرار مباشرة للمرضى وحالاتهم الحرجة.

كنا أن غياب أي ممثل إداري ليلاً في المستشفى الجامعي يثير تساؤلات عميقة حول طريقة التسيير، ويضع علامات استفهام كبرى حول دور الإدارة في فرض الانضباط وضمان سير العمل بسلاسة، بدل ترك المجال مفتوحاً لتجاوزات أمن خاص يفترض أن يكون دوره محصورًا في حفظ النظام وليس ممارسة الوصاية على الأطر الصحية.

وبعد هذا الحادث، عبر المكتب الجهوي للنقابة الوطنية للصحة في فاس مكناس التابع للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، عن استيائه الشديد من هذا الوضع، مؤكداً أن هذه التجاوزات سبق أن تم التحذير منها عبر مراسلات رسمية وتنبيهات متكررة، لكن لا حياة لمن تنادي! الإدارة تواصل صمتها المريب، في وقت تتراكم فيه المشاكل داخل المستشفى الجامعي، من نقص الأطقم الصحية والتمريضية، إلى غياب التنسيق بين المؤسسات الصحية الجهوية، ما يجعل أقسام المستعجلات في حالة فوضى دائمة.

وفي ظل هذه الفوضى العارمة، يطالب الأطر الصحية والتمريضية بتدخل عاجل وحاسم، عبر:

1. توفير ممثل إداري ليلاً داخل المستشفى الجامعي لمنع حدوث تجاوزات مماثلة.

2. تعزيز عدد التقنيين الصحيين والممرضين والأطباء لرفع جودة الخدمات الصحية.

3. إصلاح شامل لقسم المستعجلات واعتماد تنظيم أكثر نجاعة، بتخصيص جناح استعجالي لكل تخصص طبي.

4. وقف تغول شركات الأمن الخاص وإلزامها بحدود اختصاصاتها وفق قانون الصفقات العمومية.

5. إنشاء قسم خاص بضحايا الحروق داخل المستشفى بطاقة استيعابية كافية.

و أمام هذا الوضع الذي يعيشه المستشفى الجامعي الحسن الثاني بفاس لم يعد مقبولاً، واستمرار الصمت الرسمي الذي سيؤدي إلى مزيد من الفوضى والاحتقان داخل هذا المرفق الحيوي، فهل تتحرك الجهات المعنية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، أم ستظل صحة المواطنين رهينة إدارة غائبة وحراس أمن متغولين؟

Post a Comment

أحدث أقدم