سيدي احرازم… من منتجعٍ علاجي إلى “سوق عشوائي ” يعج بالخيام و يعبّر عن بؤس اجتماعي وتهميش مستمر

في مشهدٍ مؤلمٍ يختزل حجم التدهور والتهميش، تتحول الصور القادمة من المنتجع السياحي والتاريخي سيدي احرازم إلى مرآةٍ تعكس واقعًا اجتماعيًا قاسيًا، وواقعًا تدب فيه الفوضى بدل النظام، والعشوائية بدل الجاذبية السياحية التي عُرف بها هذا المكان لعقود.

المشربة التاريخية،الغير البعيدة عن وسط فاس العالمة التي كانت في ما مضى فضاءً هادئًا يؤمه الزوار من مختلف أنحاء المغرب للاستشفاء من مائها العذب، أضحت اليوم مرتعًا للخيام المؤقتة ومأوى للباعة الجائلين الذين بسطوا سيطرتهم على كل المنافذ المؤدية إلى قلب المنتجع. أصبح الدخول إلى المكان مغامرة، تفرض على الزائر المرور عبر حواجز بشرية من المتطفلين على الفضاءات العمومية، في مشهد يُثير الاشمئزاز ويُكرّس البؤس الاجتماعي.

أمام هذا الواقع، يبرز سؤال كبير حول دور الجهات المسؤولة والمتدخلين المفترضين في حماية هذا التراث الطبيعي والتاريخي، خاصة في ظل ما يصفه متابعون بـ”التهميش الممنهج” الذي طال هذا الفضاء لعقود، دون أية رؤية حقيقية للإنقاذ أو التأهيل.

الفوضى لا تقف عند حدود المشربة، بل تمتد إلى المساحات الخضراء التي تحولت إلى عقارات مؤقتة تؤجَّر للزوار بخمسين درهمًا في اليوم، دون حسيب أو رقيب، فيما تنتشر خيام الباعة كالفطريات، تقطع الجمالية وتنشر الفوضى بدل النظام.

الذكاء الجماعي للجهات الوصية يبدو غائبًا، والحلول الترقيعية لم تعد تجدي نفعًا. أمام التوسع العمراني، والحاجيات الاجتماعية المتزايدة، لا يمكن الاستمرار في دفن الرأس في الرمال. ونهج سياسة التراخي المطلوب اليوم ليس فقط إصلاحًا شكليًا، بل تدخلًا استراتيجيًا يعيد الاعتبار لهذا المنتجع كمرفق استشفائي وسياحي وتاريخي في آنٍ واحد، ويحفظ كرامة من يعيشون فيه أو يرتادونه.

سيدي احرازم يصرخ، فهل من مُجيب؟

Post a Comment

أحدث أقدم