حوار: محمد غفغوف
في سياق التوترات المتصاعدة داخل الفيدرالية الديمقراطية للشغل بمدينة فاس، وبعد ما خلفه المؤتمر الإقليمي الأخير من ردود فعل قوية في صفوف المناضلين، أجرينا هذا الحوار مع الكاتب المحلي السابق للنقابة، العربي الطهار، الذي اختار تجميد عضويته احتجاجاً على ما وصفه بـ”الانقلاب على الديمقراطية الداخلية”، في هذا الحوار، يكشف الطهار عن خلفيات قراره، ويوجه اتهامات صريحة للقيادة الوطنية بتحمل المسؤولية السياسية والأخلاقية عما حدث، كما يفتح النقاش حول مستقبل المشروع النقابي الفيدرالي بين الاستمرارية والانزلاق نحو منطق الولاءات.
1. هل تعتبر ما وقع بعد المؤتمر الإقليمي الأخير انقلاباً واضحاً على الديمقراطية الداخلية؟ ومن الجهة التي تتحمل المسؤولية السياسية والأخلاقية عنه؟
– نعم، ما جرى يمكن وصفه دون تحفظ بانقلاب على قواعد الديمقراطية الداخلية، خصوصاً أن القرارات الحاسمة اتُّخذت في غياب التداول أو التوافق. المسؤولية تقع بالدرجة الأولى على القيادة الوطنية، والتي لم تحترم إرادة المناضلين المحليين.
2. ما الذي دفعك إلى تجميد عضويتك؟ هل كانت خطوة احتجاجية مؤقتة أم بداية لقطيعة نهائية مع النقابة؟
– قرار تجميد العضوية هو قرار شخصي وداخلي قبل أن يقدم عليه الكاتب العام للفيدرالية بشكل انفرادي وغير خاضع للقانونين الأساسي والداخلي، ويراسل بشأنه السلطات المحلية في سابقة خطيرة من نوعها، وجاء كرد فعل طبيعي على الخروقات المسجلة، وهو خطوة احتجاجية بالأساس، لكنها قد تتحول إلى قطيعة نهائية إن لم يتم تصحيح المسار وإعادة الاعتبار للديمقراطية الداخلية.
3. كيف تفسر صمت القيادة الوطنية أمام موجة الاستقالات وتجميد العضوية داخل هياكل فاس؟ وهل تعتقد أن هذا الصمت مقصود ومخطط له؟
– الصمت المريب للقيادة الوطنية يطرح أكثر من علامة استفهام، قد يكون مقصوداً لتمرير مخطط يروم تدجين الهياكل الجهوية المستقلة، وهو ما يعكس أزمة ثقة حقيقية بين القواعد والقيادة.
4. هل هناك جهات داخلية أو خارجية تقف وراء فرض منسق إقليمي خارج سياق الانتخاب؟ وما خلفيات هذا القرار في رأيك؟
– المعطيات المتوفرة تشير إلى وجود توافقات غير معلنة بين بعض الأطراف داخلية وأخرى قريبة من دوائر القرار الحزبي، والهدف يبدو أنه إعادة هيكلة النقابة على المقاس، حتى لو تطلب الأمر تجاوز الآليات الديمقراطية.
5. البعض يرى أن النقابة في فاس كانت شوكة في حلق بعض القيادات الوطنية بسبب استقلاليتها ومواقفها، هل تؤيد هذا الرأي؟ وهل كنتم تدفعون ثمن مواقفكم؟
– أؤيد هذا الطرح بشدة، الاستقلالية التي ميزت عملنا كانت دائماً مصدر إزعاج للبعض، ودفَعنا بالفعل ثمناً سياسياً وتنظيمياً لمواقفنا المبدئية.
6. في ظل ما وقع، هل ترى أن الفيدرالية الديمقراطية للشغل ما زالت تحتفظ بمشروعها النقابي الديمقراطي أم أنها انزلقت إلى منطق الولاءات وتصفية الحسابات؟
– للأسف، ما يجري حالياً يُنذر بانزلاق خطير نحو منطق الولاءات، وهو ما يهدد جوهر المشروع النقابي الفيدرالي، ويُفقد النقابة بُعدها التقدمي والاستقلالي.
7. هل تفكر في تأسيس إطار نقابي بديل يجمع الغاضبين والرافضين لهذا “الانقلاب”؟ أم أنك تعتبر المعركة داخل النقابة لم تنتهِ بعد؟
– كل الخيارات مطروحة لدى بعض القطاعات، إن استمرت الأمور على ما هي عليه. لكن ما زلت أؤمن أن المعركة يجب أن تُخاض من داخل النقابة أولاً، دفاعاً عن مبادئها الأصلية.
ما عبّر عنه العربي الطهار في هذا الحوار يفتح الباب أمام أسئلة جوهرية حول واقع العمل النقابي في المغرب:
هل نحن أمام أزمة عابرة أم انحراف بنيوي عن المبادئ التي تأسست عليها الفيدرالية؟
– هل لا تزال هناك فرصة لاستعادة الثقة وبناء مشروع ديمقراطي حقيقي داخل النقابة؟
أم أن الزمن بات مهيّأ لولادة بدائل تنظيمية أكثر استقلالية والتصاقاً بالقواعد؟
الزمن وحده كفيل بالإجابة، لكن ما هو أكيد أن صوت الغاضبين لم يعد هامشياً، بل صار جزءاً من معادلة لا يمكن تجاهلها.
إرسال تعليق